الأخبار

بيان للمديرة العامة لليونسكو بمناسبة اجتماع المائدة المستديرة الوزاري عن التعلم للجميع

إن اجتماعات اليوم تمثل خطوة حيوية في الجهود الدولية الرامية إلى تسريع وتيرة التقدم نحو بلوغ أهداف التعليم بحلول عام 2015.

في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، شاركنا الأمين العام للأمم المتحدة في إطلاق المبادرة العالمية بشأن "التعليم أولاً"، وذلك للحث على القيام بدفعة جديدة بشأن تحقيق التعليم للجميع. واليوم، نرى أن هذا الطموح يتجلى في الواقع العملي مع اجتماع وزراء التربية ووزراء المالية وشركاء عملية التنمية حول نفس المائدة المستديرة. وهذا أمر له معنى أكثر من رمزي؛ فهو يدل على قناعتنا المشتركة بأن التعليم هو حق من حقوق الإنسان الأساسية وأنه المحرك الأول لضمان تحقيق النمو والعدالة الاجتماعية والسلام والتنمية المستدامة.

إننا نمثل في اجتماع المائدة المستديرة هذا الملايين من الأطفال. وينتمي عدد كبير منهم إلى أمم دينامية تنتسب إلى شبكة اليونسكو الخاصة بالبلدان التسعة ذات الأعداد الضخمة من السكان التي تقوم الهند برئاستها في الوقت الحاضر. ويعيش أطفال آخرون في بلدان تشهد أوضاع ما بعد النزاع وما بعد الكوارث، حيث يمثل التعليم نقطة البداية في إعادة بناء الظروف الحياتية التي تمزقت، ويسهم في اكتساب المهارات الضرورية للحياة وتعلم كيفية العيش معاً من جديد في جو من الثقة والأمان. إننا نتحدث اليوم باسم هؤلاء الأطفال.

لقد سمعنا عن سجل من الالتزامات والأنشطة المحددة لبذل المزيد من الجهود.

وعلى الرغم من أن حلاً واحداً لا يناسب بالضرورة جميع الأوضاع، إلا أنه يبرز اهتمامات مشتركة.

ففي المقام الأول، ينبغي أن تفضي الأنشطة المحددة التي نعززها إلى منافع تعم أشد فئات الناس تهميشاً. فرغم ما تحقق من تقدم لا جدال فيه، تظل الفتيات متخلفات عن الركب. ولا ينبغي لنا أن ندع عوامل عدم المساواة المتنامية تزيد من ظواهر التهميش. فالوصول إلى الجماعات الفقيرة والضعيفة، من الفتيات والأطفال الذين يعيشون في المناطق الريفية والأقليات العرقية وذوي الإعاقات، يجب أن يحتل مكانة الصدارة وأن يكون في صميم أية سياسات ترمي إلى توسيع نطاق الانتفاع بالتعليم وتحسينه. ويقتضي ذلك بصفة خاصة اتخاذ نهوج مناسبة يكون من شأنها التواصل مع الدارسين أينما وجدوا وتوفير السبل الكفيلة بالانتفاع بالتعليم، بما في ذلك التعليم الغير النظامي.

إن الأسباب المترابطة للاستبعاد، مثل الفقر المدقع، وقضايا الجنسين، والعزلة الجغرافية والتمييز الاجتماعي الثقافي، تدعو إلى استجابة متكاملة، أي إلى إنشاء جبهة مشتركة للنضال من أجل الحصول على الحق في التعليم. وذلك يعني العناية بالصغار في أول الأمر، لأن الرعاية والتربية في مرحلة الطفولة المبكرة لها تأثير أوسع نطاقاً، ولاسيما بالنسبة إلى أشد الفئات تهميشاً. وتدعو الاستجابات المتكاملة إلى إقامة روابط للتضافر أكثر رسوخاً في ما بين الوزارات الحكومية، وذلك بدءاً من وزارة التربية والتعليم حتى وزارات الشؤون الاجتماعية والصحة والعمل، ومع المجتمع المدني والقطاع الخاص وسائر الأطراف المعنية الرئيسية. وذلك هو ما يمثل كيف تصير السياسات ذات الصلة سياسات استيعابية على وجه الحقيقة.

وفي كل سياق، فإن المعلمين هم الأكثر تأثيراً والأقوى فعالية في ما يتعلق بتحقيق الإنصاف في التعليم والانتفاع به وضمان جودته. ومن الممكن أن تساعد التكنولوجيات الجديدة المعلمين، ولكنها لا ينبغي أن تحل محلهم. وما زالت دول العالم بحاجة إلى ما يقرب من 6.8 مليون معلم لتحقيق تعميم التعليم الابتدائي. ومن ثم فالاستثمار في المعلمين وفي إعدادهم وتطويرهم المهني إنما يمثل السبيل الوحيد للحد من تفاقم أزمة التعليم. إن المعلمين هم من بيدهم قواعد اللعبة في المجال التعليمي.

وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن القيادة السياسية ذات المستوى الأعلى هي التي تُعتبر بمثابة القوة الدافعة لتحقيق التقدم. ونحن نرى هذه القيادة اليوم. ولكن على المجتمع الدولي  أن يتولى مسؤولية دعم الحكومات لكي تلتزم التزاماً راسخاً بالتعليم في تحقيق أهدافها. إننا نحتاج الآن إلى شراكة جديدة حيث لم يبق سوى 1000 يوم لبلوغ أهداف عام 2015.

إن التزام اليونسكو هو التزام راسخ. فسوف نواصل دعم البلدان في ما يتعلق بتطبيق الأولويات الخاصة بمجال السياسات التي تم تحديدها اليوم في خطط قوية من شأنها أن تفضي إلى نتائج على أرض الواقع.

 

إن إنشاء نظم تتسم بالفعالية والاستجابة والملاءمة إنما يقتضي بناء قدرات قوية، وهي قدرات التخطيط وإدارة النظم الاستيعابية ووضع مناهج دراسية مناسبة وتقييم عملية التعليم وضمان أن ثقافة التعلم الحقيقية توجد على كافة المستويات، وذلك من خلال سبل التعليم النظامي وغير النظامي.

إن هذه هي المسؤولية الملقاة على عاتقنا إزاء ملايين الأطفال الذين نمثلهم اليوم في هذا الاجتماع.