إطار اليونسكو الخاص بتعليم الثقافة والفنون

SeventyFour

طلبت الدول الأعضاء في اليونسكو في عام 2021 بموجب  إجراء عملية مراجعة من أجل وضع إطار اليونسكو لتعليم الثقافة والفنون، ويستند هذا الإطار إلى عمل المنظمة في مجال تعليم الثقافة والفنون، بما في ذلك خريطة الطريق لتعليم الفنون التي اعتُمدت في لشبونة في عام 2006، و في عام 2010، وهما الوثيقتان الختاميتان لمؤتمرين عالميين يعنيان بتعليم الفنون. ويطلب القرار أيضاً من المديرة العامة لليونسكو تنظيم مؤتمر عالمي عن تعليم الثقافة والفنون، سوف يعقد في بدايات عام 2024 في الإمارات العربية المتحدة. وعملية المراجعة هي بمثابة فرصة رئيسية لدعم توافق الآراء العالمي بشأن الترابط بين الثقافة والتعليم، والنهوض بالسياسات المتكاملة والأنشطة الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة والكلية للأفراد والمجتمعات.

ما هي أسباب إجراء عملية مراجعة؟

لقد تغير العالم منذ وضع الإطار القائم لتعليم الفنون، وبرزت معه تحديات وفرص جديدة. ويتسم السياق العالمي في يومنا هذا بزيادة الحراك البشري والتصدع الاجتماعي وأوجه عدم المساواة النظمية وتغير المناخ والتحول الرقمي المتسارع، وهناك حاجة إلى إعادة النظر في الإرشادات المتعلقة بتعليم الثقافة والفنون وإعادة صياغتها لكي تتلائم مع الديناميات وتتجاوب معها في الوقت ذاته، وتتمكن من دعم الدول الأعضاء وغيرها من الجهات المعنية بطريقة أفضل في عملية وضع السياسات واتخاذ الإجراءات المحسَّنة.

يسعى إطار اليونسكو العالمي المنقح في المستقبل إلى التعبير عن مفهوم أوسع للثقافة يترواح بين التراث والصناعات الثقافية والإبداعية إلى جانب مراعاة المشهد السريع التطور للقطاع الثقافي، بما في ذلك التحول الرقمي. ولم تكن التكنولوجيات الرقمية والإعلامية بهذا القدر من التداخل مع حياة الدارسين من قبل، ومن هنا تأتي الحاجة إلى الاستفادة من الفرص التي تقدمها هذه التكنولوجيات وإلى إذكاء الوعي بالتكنولوجيا وكيفية استخدامها بطريقة مسؤولة.

أصبح الإبداع والتفكير النقدي والمرونة والقدرة على الصمود هي المهارات الأساسية الجديدة اللازمة لتحقيق النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية والتأقلم واستحداث فرص العمل، ولا سيما في مجال ريادة الأعمال الثقافية، مما يعني أنه يجب تزويد الدارسين بمجموعة من المعارف والمهارات والكفاءات اللازمة للقطاع الثقافي والإبداعي ولدعم الابتكار اليوم وغداً. ومع ازدياد تنوع المجتمعات في شتى أنحاء العالم، برز أيضاً احترام التنوع الثقافي والقدرة على العيش مع ثقافات أخرى كاعتبارات أساسية يجب أن تراعيها النظم والمناهج والمرافق التعليمية، وهي اعتبارات أساسية من أجل ضمان بناء مجتمعات سلمية وشاملة للجميع.

لقد كُرِّست علاقة التآزر بين الثقافة والتعليم عبر العديد من المنتديات، من إعلانات دولية وصكوك تقنينية إلى دساتير وطنية، ولكن كثيراً ما تعتبر الثقافة والتعليم في العديد من البلدان كيانات ومسارات سياسية منفصلة. وكذلك يوضع تعليم الثقافة والفنون في كثير من الأحيان على هامش السياسات التعليمية والمناهج المدرسية. ولذلك يقدِّم الإطار المستقبلي إمكانية إعادة تقييم طريقة التعامل مع الثقافة والتعليم عند وضع السياسات بغية سدِّ الثغرات وتعزيز التعليم وأساليبه التربوية ومحتواه ومرافقه، بما في ذلك في التعلم غير النظامي والتعلم مدى الحياة والتعليم والتدريب في المجال التقني والمهني. ويمثل هذا الإطار فرصة لوضع حلول ترمي إلى إدراج الثقافة في التعليم بأساليب عملية ومجدية. 

دعا المجتمع الدولي إلى إجراء تحول جريء في مجال التعليم نظراً إلى الدور الأساسي للثقافة والتعليم في تحقيق ، وخصوصاً الهدف 4 المتعلق بالتعليم الجيد. وهذا يتطلب إحداث تغييرات أساسية في طريقة تعريف التعليم وتقديمه في مختلف أنحاء العالم. ويمثل الانتقال نحو اتباع نُهج كلية ومتكاملة لتحقيق التنمية فرصة لقطاعَي الثقافة والتعليم لكي يعززا التزامهما الجامع للتخصصات ضمن مجالات خبرتهما وفي حدود مواردهما بغية النهوض بالسياسات والممارسات الرامية إلى الوصول إلى سبل عيش مستدامة. وينبغي أن يتجسد هذا المسار في التزام راسخ بالتصدي لأوجه عدم المساواة والتمييز الذي يطال النساء والفتيات والشباب والأطفال والأقليات والشعوب الأصلية والمهاجرين والمسنين والمنحدرين من أصل أفريقي والأشخاص ذوي الإعاقة. وهناك أيضاً حاجة إلى تعزيز الفهم العميق لما يعنيه التعليم بالنسبة إلى الثقافة والعكس بالعكس، مع مراعاة التوصيات الصادرة عن مبادرة  الحديثة العهد ومتابعة تنفيذ الإعلان الختامي لوزراء الثقافة الصادر عن مؤتمر اليونسكو العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة لعام 2022.  

عملية التشاور

تقوم اليونسكو بإجراء عملية تشاور تشاركية وشاملة للجميع من أجل إعداد النسخة المنقحة من إطار اليونسكو العالمي لتعليم الثقافة والفنون، وسوف تتم هذه المشاورة بين مجموعة متنوعة من الجهات المعنية، من بينها الدول الأعضاء وكراسي اليونسكو الجامعية والشبكات الشريكة والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات الإقليمية والحكومات المحلية والمؤسسات الثقافية ومعلمو الثقافة والفنون والخبراء والشباب.   

David Ortega Baglietto

المشاورة العالمية مع الدول الأعضاء

وزِّع استبيان على جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة في آذار/مارس 2022 بغية الاطلاع على الحالة الراهنة لتعليم الثقافة والفنون، بما في ذلك السياسات والنُهج التعليمية والأساليب التربوية. وكان الاستبيان موجهاً إلى راسمي السياسات والجهات المهنية المعنية والشركاء، بما في ذلك شبكة برنامج توأمة الجامعات والكراسي الجامعية لليونسكو ومنظمات المجتمع المدني الشريكة.   

وتلقت اليونسكو ما مجموعه 89 رداً على الاستبيان: 51 في المائة من هذه الردود أتت من الدول الأعضاء حيث شارك في الاستبيان 23 في المائة من الدول الأعضاء؛ وجاءت معظم ردود الدول الأعضاء من منطقتَي أوروبا وأمريكا الشمالية (52 في المائة)، تليها أفريقيا (21 في المائة)، وأمريكا اللاتينية والكاريبي (11 في المائة)، والدول العربية (9 في المائة)، وآسيا والمحيط الهادي (7 في المائة). وتوزعت نسب باقي الردود على النحو التالي: 13 في المائة من الردود جاءت من منظمات غير حكومية، و12 في المائة من مؤسسات أو منظمات ثقافية عامة، و11 في المائة من مؤسسات تعليمية عامة، و9 في المائة من كراسي اليونسكو الجامعية أو مراصد اليونسكو، و2 في المائة من الوزارات الإقليمية، و2 في المائة إضافية من مؤسسات أو منظمات خاصة.

الملخص

أشار المشاركون في الاستبيان إلى عدة تطورات رئيسية طرأت على تعليم الثقافة والفنون خلال العقد الماضي: (1)  ازدياد الوعي بالتنوع الثقافي بفعل الهجرة والتكنولوجيات الرقمية والإعلام، (2) تنوع المناهج الدراسية من خلال اتباع نُهج متعددة التخصصات وجامعة للتخصصات والتجارب التعليمية والأشكال المستجدة من الفنون، وذلك عبر استخدام التكنولوجيات الرقمية والإعلام والحاجة إلى تنويع المهارات، (3) زيادة التركيز على التعليم في مجال التراث، ولا سيما التركيز على تعليم التراث الثقافي والتعليم من خلال التراث الثقافي بأبعاده المتعددة، بغية دعم التبادل بين الثقافات، (4) توسيع نطاق التعاون مع الجهات المعنية المتنوعة من خلال التعليم النظامي وغير النظامي.

سلط المشاركون في الاستبيان الضوء على عدم شغل تعليم الثقافة والفنون حيزاً أساسياً قائماً بذاته في مجال السياسات. وتضمنت التحديات المستبانة، التي تكررت في كثير من الأحيان في مختلف المناطق، الدعم الوزاري والتخطيط الهيكلي والنقص في الميزانية والتمويل، وعدم إيلاء السياسات والمدارس والمجتمع المحلي بصورة عامة الأولوية إلى تعليم الفنون والثقافة. وكذلك يفضي التقسيم والتجزئة في مجال تعليم الثقافة والفنون إلى بروز انقسام حول كيفية فهم وتقييم تعليم الفنون ضمن مجال الثقافة؛ ويمكن أن تتبين هذه المشاكل أيضاً ضمن التخصصات المتنوعة لتعليم الفنون.

اجتماع الخبراء الدولي لليونسكو 24-25 أيار/مايو 2022، سول

عُقد الاجتماع في 24 و25 أيار/مايو 2022 في سول بجمهورية كوريا، وجمع 21 خبيراً دولياً من جميع المناطق ومن تخصصات أكاديمية ومهنية متنوعة، بما فيها تعليم الفنون والتراث، والصناعات الإبداعية والثقافية، والمتاحف، وثقافات الشعوب الأصلية، والحوار بين الثقافات والتعليم والتدريب في المجال التقني والمهني والتكنولوجيات الرقمية والإعلامية. وتبادل المشاركون الأفكار بشأن الاحتياجات والفجوات والأولويات في مجال تعليم الثقافة والفنون، مع تقديم توصيات أولية من أجل صياغة الإطار المنقح.

المشاورات الإقليمية

تنظم اليونسكو من كانون الثاني/يناير 2023 إلى شباط/فبراير 2023 سلسلة من المشاورات الإقليمية عبر الإنترنت. وتستضيف كل استشارة إحدى الدول الأعضاء من المنطقة، وفقاً لمجموعات اليونسكو الانتخابية. وتقدِّم هذه المشاورات منصة لطرح وجهات نظر دقيقة ومحددة السياق بشأن الشواغل والأولويات الإقليمية في مجال تعليم الثقافة والفنون. وسوف ترشد نتائج اجتماعات الخبراء الإقليمية الستة عملية وضع المحتوى الاستراتيجي للإطار، وتحضيرات المؤتمر العالمي لتعليم الثقافة والفنون 2023.

  • المجموعة الأولى (أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية) والمجموعة الثانية (أوروبا الشرقية) ترأسها إسبانيا وليتوانيا وتجتمع من 30 كانون الثاني/يناير إلى 1 شباط/فبراير 2023.

  •  المجموعة الثالثة (أمريكا اللاتينية والكاريبي) ترأسها شيلي وتجتمع من 9 إلى 17 شباط/فبراير 2023.

  • المجموعة الرابعة (آسيا والمحيط الهادي): ترأسها إندونيسيا وتجتمع في 13 و14 شباط/فبراير 2023.

  • المجموعة الخامسة (أ) (أفريقيا) ترأسها كينيا وتجتمع في 8 و9 شباط/فبراير 2023.

  • المجموعة الخامسة (ب) الدول العربية وترأسها عُمان وتجتمع في 7 و8 شباط/فبراير 2023.

حوار بين الجهات المعنية المتعددة

عُقد حوار بين الجهات المعنية المتعددة في 25 و26 آيار/مايو 2023 في مقر اليونسكو مما أفسح المجال أمام تبادل الآراء بين مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة العاملة في مجال تعليم الثقافة والفنون بغية تعزيز التأييد الوزاري، ووضع توصيات مُحكمة لكي ترفد الصياغة النهائية للإطار ولكي تُسهم في التحضير للمؤتمر العالمي لتعليم الثقافة والفنون 2024 الذي سوف يُعقد في الفترة الممتدة من 13 إلى 15 شباط/فبراير 2024 في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وثائق مواضيعية

أعدَّ خبراء مستقلون مجموعة من الوثائق المواضيعية التي تتعمق في بحث المجالات المواضيعية التي تمثل الأولويات الاستراتيجية المتعلقة بتعليم الثقافة والفنون. وتنبثق هذه المواضيع مباشرة من المسائل والأولويات التي أثيرت خلال عملية التشاور الجارية حالياً بشأن الإطار.

التشاور مع الدول الأعضاء بشأن مشروع الإطار

سوف تُستشار الدول الأعضاء خلال النصف الثاني من عام 2023 من أجل وضع اللمسات الأخيرة على مشروع إطار اليونسكو لتعليم الثقافة والفنون. وسوف تسترشد عملية الصياغة، التي يتولاها فريق مؤلف من خبراء ومن أمانة اليونسكو، بعملية التشاور التقنية الجارية، ومن ضمنها الاستبيان العالمي والتوصيات المنبثقة عن اجتماع الخبراء الدولي والمشاورات الإقليمية والوثائق المواضيعية ومنتدى حوار الجهات المعنية المتعددة.

المؤتمر العالمي لتعليم الثقافة والفنون

يهدف مؤتمر اليونسكو العالمي لتعليم الفنون 2024 إلى تنشيط وتعزيز تحالف عالمي لتعليم الثقافة والفنون، فضلاً عن صياغة السياسات والأفكار والممارسات بغية تزويد جميع الدارسين بصورة أفضل بالمعارف والمهارات ذات الصلة التي يحتاجون إليها حالياً وفي المستقبل.

يستند هذا المؤتمر الدولي الحكومي إلى إرث المؤتمين العالميين لتعليم الفنون اللذين عُقدا في لشبونة في عام 2006 وسول في عام 2010، وسوف يجمع صانعي السياسات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحكومية وشركاء اليونسكو من جميع أنحاء العالم بغية تبادل وطرح المعارف والممارسات الجديدة والأفكار المبتكرة، وإنشاء تحالفات إبداعية.