أبرمت اليونسكو شراكة مع جمعية بسمة للثقافة والفنون في غزة بغرض تعزيز قدرة الأطفال على الصمود من خلال مسرح الدمى، حيث تركِّز على استخدام عروض الدمى كأداة علاجية وتربوية تدعم الأطفال المتأثرين بالنزاع الدائر، إلى جانب تهيئة بيئة آمنة وداعمة يتمكَّن فيها الأطفال من التعبير عن مشاعرهم وفهم تجاربهم وإيجاد الأمل في خضم الصعوبات التي يواجهونها.
ركَّز هذا البرنامج على أنشطة متنوعة مثل الاستماع إلى الموسيقى والغناء واللعب ورواية القصص والتمثيل، وغيرها من التمارين التي ترمي إلى مساعدة الأطفال على تجاوز الحزن والخوف خلال سعيهم إلى العودة إلى حياتهم الطبيعية. ويمتد هذا البرنامج على 15 جلسة تُعقد خلال شهر واحد، ويفسح المجال أمام 30 طفلاً ومراهقاً تتراوح أعمارهم بين 11 و15 عاماً للمشاركة في كل جلسة.
أقام الأطفال احتفالات وقدموا عروضاً مسرحية باستخدام هذه الدمى لكي يحكوا قصصهم وتجارهم، ويشاركوا نتاج تدريبهم وخبراتهم مع أهلهم.
تتوالى أحداث المسرحية لتصوِّر الحياة اليومية في أثناء النزاع حيث يناقش الأطفال الواقع السابق والراهن، ويتذكَّر الأطفال في المسرحية الأوقات التي كانوا فيها أسعد ويقيمون الاحتفالات، ثم يتحولون إلى واقع أشد قسوة يسوده النزاع. لقد كان الرقص فيما مضى يرمز إلى حفلات الزفاف والاحتفالات المبهجة، ولكنه تحول إلى شكل من أشكال التعبير عن الحزن والأسى في أوقات النزاع.
وتعود الدمى في الفصل الأخير برسالة مفعمة بالأمل مفادها أنَّ "الحياة لا تنتهي حتى في وقت الحرب، هناك دائماً فسحة للأمل، فلنستمر بالرقص، ولكن لنرقص هذه المرة من أجل الحياة".
لين هي إحدى الفتيات التي استفادت من هذا الدعم، وكانت أيضاً من المشاركات في المسرحية؛ وكانت قد فقدت أخاها وخالتها وأبناء عمومتها في الحرب؛ وواجهت صعوبات جمة في المشاركة مع بقية الأطفال في مركز الإيواء.
لم أكن أرغب مطلقاً في مغادرة الخيمة، ولطالما رفضت رؤية أصدقائي ورفقة أي كان. ولكن عندما شاركت في هذا النشاط شعرت وكأنني اكتسبت شخصية جديدة بالكامل، فأصبحت أكثر نشاطاً وأرغب دائماً في اللعب ولم أعد أشعر بالوحدة.
توجه هذا البرنامج أيضاً إلى الأهل بغية إذكاء الوعي لديهم بشأن كيفية التفاعل بطريقة فعالة مع أولادهم في أوقات الأزمات، وساعد 180 شخصاً من الأهل على تعزيز الصحة النفسية لأولادهم ورفاههم النفسي والاجتماعي، عبر تهيئة بيئة آمنة لأولادهم.
عندما سمعتْ بهذا النشاط أصبحتْ شخصاً مختلفاً بالكامل، وكانت مشرقة وأصبحتْ متحمسة لمغادرة الخيمة واللعب مع الفتيات، وعندما تعود، كانت تخبرني عن كل ما فعلته. لقد أحبت التمثيل وأصبحت شخصيتها أقوى، وأنا أشعر بالارتياح والسعادة من أجلها.
بعد أن شهدت جمعية بسمة على الأثر الذي أحدثته الجلسات في الأطفال والأهل، ازداد عزمها وبدعم من اليونسكو على الاستمرار في نشر الفرح، إلى جانب تقديم أنشطة الدعم الأساسية للصحة النفسية والرفاه النفسي والاجتماعي عبر العروض المسرحية التي تستخدم الدمى.
أصبح دورنا أساسياً للغاية بالنسبة إلى سكان غزة أكثر من أي وقت مضى، فقد تركت الجلسات التي ننظمها أثراً في كل من الأطفال والأهل الذين شاركوا في البرنامج.
تسخِّر اليونسكو جهودها للاستجابة في إطار ولايتها المتعلقة بالتربية والثقافة وحرية الصحافة، ولتحقيق أفضل النتائج من ناحية انسجام الأسرة ورفاه الأطفال في غزة في أوقات الحرب، من أجل مساعدتهم على التغلب على الصدمة والتعافي منها.