بيان صحفي
التدخلات العاجلة القائمة حالياً لإنقاذ التراث الثقافي في موقعين تراثيين عالميين في اليمن
تضطلع اليونسكو منذ عام 2018 بتنفيذ برنامج واسع النطاق لإعادة تأهيل المناطق الحضرية في أربعة مدن تاريخية في اليمن، وذلك في إطار مشروع "النقد مقابل العمل: تحسين فرص كسب العيش لشباب المناطق الحضرية في اليمن"، المموَّل من الاتحاد الأوروبي. ويرمي هذا المشروع إلى توظيف 4 آلاف شاب وشابة لمدة تعادل 500 ألف يوم عمل مأجور، وهو ينفَّذ بالشراكة مع الصندوق الاجتماعي للتنمية، ويخوِّل هذا المشروع العاملين من الشبان والشابات المهرة وغير المهرة، إمكانية الحصول على فرص لإدرار الدخل واكتساب المزيد من المهارات، والمساهمة في حماية التراث وتعزيزه عن طريق مجموعة كبيرة من التدخلات التي تتراوح بين التنظيف والتثبيت والإصلاح والترميم العاجلَين.
وتمثل العوامل المتفاقمة من إهمال طويل الأمد وأضرار جانبية ونهب ونقص الموارد، والناجمة عن النزاع الطويل الأمد في اليمن، تهديداً خطيراً للحفاظ على تراث اليمن الثقافي الفريد من نوعه. وفي الواقع، هناك ثلاثة من مواقع التراث العالمي لليونسكو معرضة للخطر وهي (صنعاء وزبيد وشبام). وقد أُحرز تقدم كبير خلال الأسابيع الماضية في صنعاء وزبيد، بفضل التمويل الإضافي الذي قدمه صندوق اليونسكو لحماية التراث في حالات الطوارئ، حيث أجريت تدخلات عاجلة في مرحلة ما بعد الفيضانات في زبيد وصنعاء، وإصلاحات عاجلة لحارة القاسمي في صنعاء.
حاضرة زبيد التاريخية
تعمل اليونسكو وشركاؤها على تثبيت معلمَين معماريَين محليَين بارزَين، وهما بيت الحوائجي، أحد أبرز الخانات حيث يشتهر بهيكليته المركبة المبنية بالقرميد، وبنقوش الجص الرفيعة المستوى، وبأخشابه التي تزخر بالتفاصيل، وبسقوفه المزدانة بالطلاء. وقد اختار المخرج بير باولو بازوليني هذا البيت لتصوير أحد الأفلام، وأصبح يُعرف في زبيد باسم بيت بازوليني. وبيت الربعي من البيوت الهامة الأخرى التي لحقتها أضرار هيكلية، ويتميز بعمارته التاريخية الفريدة من نوعها ويتألف من ثلاثة طوابق. وكان هذان البيتان معرضين أصلاً للخطر بسبب الافتقار إلى الصيانة وكانا مهددين بالانهيار. وقد أعدَّت اليونسكو والصندوق الاجتماعي للتنمية عقب الأمطار الغزيرة التي هطلت في آب/أغسطس 2019، دراسة جدوى بغية التوعية بأهمية هذين المبنيين، وقد أُحرز تقدم كبير في حزيران/يونيو 2020، من ناحية إصلاح الهيكل القرميدي للجدران، وإصلاح السقوف (العوارض والأغطية)، وتدعيم الفتحات بالخشب، وحماية الزخارف الجصية التي تضررت من الفيضان، وهي أمور مفيدة لمنع تسرب المياه وحدوث المزيد من التدهور، مع تعزيز السلامة العامة للمبنيَين. وتندرج هذه الأعمال في إطار خطط ذات ناطق أوسع ترمي إلى إعادة التأهيل كان قد أعدَّها المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي وتعتمد على إجراء تقييم شامل للمبنى والبنية الأساسية، وجرى تحديث هذه الخطط في نهاية عام 2019.
في مدينة صنعاء القديمة
تنقسم التدخلات العاجلة إلى شقين، حيث تشمل المرحلة الأولى حارة القاسمي، التي خضعت لتقييم معمَّق من خلال التشاور الوثيق مع المجتمعات المحلية، بغية تحديد التدابير اللازمة للتثبيت والحد من مخاطر الكوارث. وتأثرت حارة القاسمي بشدة، بالقرب من الحديقة الحضرية الشهيرة المسماة "بستان القاسمي"، من جراء الضربات الجوية في عام 2015، مما أدى إلى تدمير خمسة منازل وتضرر قرابة 10 منازل أخرى في المناطق المحيطة بها مباشرة. وتعرضت الأسر للتشريد بسبب ما لحق بالقاسمي من أضرار ودمار، بعد أن كانت الحارة في حالة جيدة من الحفظ. وقد أجرت اليونسكو والصندوق الاجتماعي للتنمية والسلطات المحلية عمليات تفتيش ميدانية، وجرى جمع شامل للبيانات المستندة إلى المسح التصويري بالشراكة مع الهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية. وجرى تحديد المواد الخاصة اللازمة لإعادة التأهيل، وأرسيت الإجراءات المناسبة والنظم التكنولوجية اللازمة للتعامل مع ندرة المعدات والمواد. وقد جرت إزالة الأنقاض وتنظيف المناطق المحيطة بالمواقع، مما مهد الطريق أمام استمرار أعمال التثبيت خلال عام 2020، بغية منع حدوث مزيد من التدهور وانهيار المباني المجاورة. وستعمل أعمال التثبيت العاجلة على تأمين المنازل المتضررة من أجل دعم أعمال الإغاثة الفورية للسكان المشردين في سياق الضغط الشديد على المساكن.
المرحلة الثانية من التدخلات
وأخيراً، انطلقت المرحلة الثانية من التدخلات في أعقاب السيول الغزيرة المفاجئة التي حدثت في نيسان/أبريل 2020 في صنعاء. فقد ألحقت هذه السيول التي حدثت مؤخراً أضراراً بالغة بعدد من المنازل التاريخية المحيطة بجامع المهدي في منطقة سكنية يقع معظمها في الجانب الغربي من قناة السائلة، وكانت في الأساس معرضة للخطر، والآن هي عرضة للانهيار. وستعمل هذه التدخلات على منع حدوث خسائر في أمثلة بارزة عن العمارة الحضرية، كما ستعمل على تدعيم الطرق الرئيسية والبنية الأساسية ذات الدور الحيوي في الحفاظ على المدينة القديمة. وبعد الانتهاء من إجراء دراسة تقنية تشمل تصريف المياه ومياه الأمطار، والشبكة الأساسية للصرف الصحي، ستقام حواجز مادية وقائية لحماية المنطقة من السيول في المستقبل. وإلى جانب ذلك، سيثبَّت زهاء 18 منزل تقليدي مبنية بالقرميد المحروق وبالطين تضررت من الانهيار. وستنفَّذ هذه المبادرات بالشراكة مع مشروع الأشغال العامة والهيئة العامة للمحافظة على المدن والمعالم التاريخية. وفي إطار تفشي جائحة "كوفيد-19" بوتيرة متسارعة في اليمن، ينفِّذ المشروع تدابير وقائية تتمثل في إقامة جلسات في المكان للتوعية بالمرض، وتوفير الكمامات والمطهرات والخوذ للعاملين.
تنفَّذ هذه الأنشطة بدعم من ، ونودُّ أن نتوجَّه بالشكر إلى الجهات المانحة لهذا الصندوق: و و، وشركة ANA القابضة (.)، و و، و و، و و و. وتأتي التدخلات الواسعة النطاق لإعادة تأهيل المناطق الحضرية التي تنفذها اليونسكو ويمولها الاتحاد الأوروبي، استكمالاً لهذه الأنشطة واستمراراً لها.