قصة

مشروع ابتكاري يخلق فرص عمل شاملة للمحافظة على المواقع الأثرية خلال جائحة كورونا في البترا

بعد صباح حافل من العمل على طول الطريق الخلفي للدير في البترا، أخذ يوسف أحمد حسن استراحة في الظل ليشرب بعض الشاي معنا، وليتحدث عن تجاربه وعن المشروع الذي يعمل عليه.
يبلغ يوسف من العمر 23 عامًا وهو من وادي موسى، ويشارك حاليًا في آلية النقد مقابل العمل من مشروع اليونسكو "فرص العمل لحفظ التراث الثقافي في الأردن". يركز هذا المشروع على توفير فرص العمل للأفراد الضعفاء، و يساهم في نفس الوقت في الحفاظ على أصول التراث الثقافي في موقعين في الأردن.
يوضح يوسف أنه واجه تحديات في العثور على تدريب أو فرص عمل كونه شخصاً مصاباً بمتلازمة داون، لكن هذا الوضع قد تغير عندما رأى إعلان وظيفة شاغرة في مشروع اليونسكو. إنه سعيد جداً للعمل في هذا المشروع ويسره أن يكون جزءاً من الفريق. يرى يوسف أن فرص العمل التي يوفرها هذا المشروع تعود بفائدة كبيرة على المجتمع ككل، خاصة في هذه الأوقات الصعبة.
يقول يوسف: "سمعت عن فرصة عمل في الطريق الخلفي وداخل البترا، لذا قدمت طلباً للحصول على وظيفة توفر لي دخلاً، وكنت قبل ذلك أمضي وقتي في البيت". وفر هذا المشروع ليوسف فرصة لاكتساب الخبرة في العمل وخاصة في البترا.
لم يكن يوسف يعرف شيئا عن اليونسكو ومهماتها وولايتها، ولكنه بدأ الآن يعرف المزيد عن مشروع اليونسكو وأهدافه. خلال هذا الوقت، يعمل يوسف على مشروع المحافظة على التراث الثقافي للبترا ويكتسب خبرة في هذا المجال.

يتناول هذا المشروع أولويتين رئيسيتين". أولاً، يتعلق الأمر بأفراد المجتمع وتوفير وظائف منتجة لهم وإكسابهم مهارات جديدة يمكنهم استخدامها في الوظائف المستقبلية في هذا الوقت الحرج للغاية. ثانياً، يتعلق الأمر بالثقافة، حيث يسعى هذا المشروع إلى تمكين الأشخاص في المجتمعات المحلية من خلال إكسابهم المهارات اللازمة ليكونوا أعضاء فاعلين في حماية تراثهم الثقافي
جيورجيا تشيزارو، مسؤولة المشروع في مكتب اليونسكو عمان

شارك يوسف مع أعضاء الفريق في تنظيف الموقع من النباتات والحطام والصخور، وتوثيق الموقع بالصور، وتصوير الأعمال وغربلة التربة لاستخدامها في أنشطة الحفظ. بينما يقول يوسف إنه يستمتع بكل تفاصيل العمل، وجد أن تصوير الأعمال في الموقع كان أكثر ما يثيره. عندما سُئل يوسف عما يود أن يفعله في المستقبل، أجاب "أرغب في مواصلة العمل، ولقد استمتعت حقاً بتصوير العمل". 

يتولى مكتب اليونسكو في عمّان والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) تنفيذ هذا المشروع، وهو جزء من المبادرة الخاصة للوزارة الفيدرالية للتعاون الاقتصادي والتنمية في المانيا بخصوص "معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، واستقرار المناطق المضيفة، ودعم اللاجئين". يهدف المشروع إلى تعزيز الثقافة لتحسين القدرة على التكيف في المجتمعات المحلية من خلال آلية النقد مقابل العمل التي تربط المساعدة الإنسانية والإنمائية من خلال توفير فرص العمل للأردنيين والسوريين الضعفاء الذين يعيشون في المجتمعات المضيفة. تقول ماريا غوري فان كروسديك، قائدة فريق حماية سدود المياه في الأردن من خلال الأنشطة ذات العمالة الكثيفة (النقد مقابل العمل) في الوكالة الألمانية للتعاون الدولي "تسعى الوكالة الألمانية للتعاون الدولي إلى استمرارية التعاون مع اليونسكو في هذا المشروع، بهدف خلق فرص كسب عيش مستقرة ومستدامة للأردنيين والسوريين في قطاع التراث الثقافي". كما يعد هذا المشروع أيضا جزءا من برنامج أكبر للمساعدة الفنية يقدمه مكتب اليونسكو إلى سلطة إقليم البترا التنموي السياحي ودائرة الآثار العامة في الأردن على مدى السنوات العديدة الماضية، بهدف تعزيز القدرة الوطنية على إدارة الموقع والمحافظة عليه بكفاءة. وقد صرح الدكتور إسماعيل أبو عامود، مفوض حمية البترا الأثرية والشؤون السياحية في سلطة إقليم البترا التنموي السياحي "يسعدنا أنه كان هناك مشاركة أكبر من المجتمع المحلي في الحفاظ على المواقع من خلال هذا المشروع. وقد تمكن هذا المشروع أيضاً من توفير الدخل الضروري خلال جائحة كورونا، والتي كان لها تأثير كبير على السياحة والاقتصاد المحلي". 

تلتزم اليونسكو بتحقيق تنوع في القوى العاملة من حيث النوع الاجتماعي والجنسية والخلفية الثقافية. يلتزم هذا المشروع بشكل خاص بإجراءات التشغيل المعيارية للنقد مقابل العمل المطبقة في الأردن وبقانون العمل الأردني في تنفيذ تدابير ملموسة لتلبية متطلبات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وزيادة مشاركتهم في الأنشطة بنسبة تصل إلى 4٪. تحت الإشراف العام لسلطة إقليم البترا التنموي السياحي، يهدف المشروع في البترا إلى خلق 112 فرصة عمل للعمال المهرة وشبه المهرة على مدى 6 أشهر. يتمثل الشركاء في أنشطة المشروع في جمعية المتطوعين للخدمة الدولية (AVSI) والجمعيات المحلية (جمعية سيدات الأنباط التعاونية)، بالإضافة إلى خبراء محليين ودوليين متخصصين في مجال الحفاظ على التراث والفسيفساء. تم إعداد خطط صيانة الموقع بالتنسيق مع الجامعة الألمانية الأردنية/ كلية هندسة العمارة والبيئة المبنية.

من خلال تعزيز مشاركة مجتمعية أكبر في إعادة تأهيل المواقع التراثية والمحافظة عليها، يهدف المشروع إلى تعزيز خلق فرص العمل في قطاع التراث الثقافي وتشجيع السياحة المستدامة على المدى الطويل. يتماشى هذا المشروع تماماً مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030، ولا سيما الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة الذي يعزز النمو الاقتصادي المستدام والشامل والعمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع، والهدف الحادي عشر الذي يعزز المدن والمجتمعات المحلية المستدامة.  يعد هذا المشروع جزءاً من دعم المساعدة الفنية الأكبر التي قدمتها اليونسكو لسلطات البترا على مدى السنوات الماضية لتطوير القدرات الوطنية لحماية هذا الموقع الاستثنائي من مواقع التراث العالمي.